بسم الله الرحمن الرحيم
االساعة الحادية عشرة ليلا ، المطر غزير والريح الباردة تكاد تقتلع النوافذ والأشجار يهتز الباب بضربات خجولة
تكاد لا تميزها عن صوت العاصفة الهوجاء ، يقرع الباب مرة أخرى ، اتسائل !! هل هذا قرع باب ام اهتزاز العاصفة ؟ يقرع الباب بضربات اكثر قوة لكنها ايضا ضعيفة مترددة .
من : يجيب بصوت ضعيف انا يوسف افتح .
يفتح محمد الباب فإذا بصديقه القديم يوسف كان ازرق الوجه والشفتين مبتلا من رأسة الى اخمص القدمين
يبتسم قائلا الحمد لله اني وجدتك ...........
محمد : تفضل أدخل
ياخذه الى الحمام يبدل ملابسة ويخرج مرتديا ملابس جافة دافئة ، يصلي العشاء ويحمد الله على تأمين قضاء ليلة دافئة اخرى .
كان محمد ويوسف اصدقاء الطفولة ، فرقتهم مشاغل الحياة إنهمك محمد في عمله وزوجته وأولادة ، وشق يوسف طريقه للجهاد جلس الصديقان في الصالة لتناول العشاء واطراف الحديث وبالنسبة ليوسف للتنعم ببعض الدفء .
كان التشرد والمرض والبؤس واضحا على يوسف ، جلسته حديثة نظرته ، انفعالاته وحركاته ، جلس على طرف المقعد الوثير ، وكأنه يخشى عليه من التلف أو البهدلة ، فمقعدة يوسف إعتادت الجلوس على الصخر والأحواش والبوايك والشوك ، اعتادت ان تضرب على قفاها من الصغير والكبير !!!!! والآن تجلس على مقعد وثير !!!!
محمد : ماذا جرى يا صديقي ؟ أعرفك مليء بالقوة والصبر والعنفوان والإيمان ، ماذا فعلت بك الأيام ؟
يوسف :هذه حياة المطلوب يا عزيزي ، لي ثلاثة ايام أطرق ابواب الأهل والجيران والاصدقاء والخلان ، اطلب مبيت ليلة ، أشألهم الدفء والأمان ، لم يلبي طلبي أحدا أغلقت في وجهي كل الأبواب ، ، صرت اتمنى الشهادة كل ساعة كي اريح وأرتاح ، سكبت ماء وجهي امام كل العتبات ، ضاقت علي الارض بما رحبت .
بالأمس اختبأت في مدخل عمارة (مطلع درج) اتقي به البرد والمطر ، رئاني احد سكان العمارة فعرفني ، ابلغ سكان العمارة فتجمع كل الجيران علي وطردون كالكلب الأجرب ، طردوني شر طردة ...................
يتنهد يوسف وتنهمر الدموع من عينيه ألما وحسرة ،،،،،،، لماذا نعامل هكذا ؟ لماذا نحن منبوذين مطرودين
في النهار يهتفون بإسمنا في المظاهرات والإحتفالات وفي اليل نطرد من عتبات البيوت كالكلاب الضالة الشاردة
انا أفهم ان أكون مطلوبا للأحتلال ويريد قتلي أو اعتقالي أو تشريدي فهذا عدو الله وعدوي أما ان اكون مطرودا منيوذا من أهلي وشعبي توصد في وجهي كل الأبواب ؟!!!!!!!! فهذا ما لا افمهمه
صحيح اني قاتلت في سبيل الله وليس من أجل زيد او عبيد ، ولكن الم اكن جندي للدفاع عن هؤلاء ؟ الم ابذل الدم والمال من اجل الدفاع عن بيوتهم وارواحهم واعراضهم ؟ ربما أكون قد أخفقت في الذود عنهم ، لكني حاولت، لم اهرب أو اختبيء ولم أرفع شعار ما دام رأسي سالما ، فلماذا أعامل هكذا ، .
بالأمس جلست وبعض الأصدقاء أمثالي نتدفأ على نار اشعلناها في إحدى الأحواش صمت صديق لي ثم قال:
( اتدرون من المطلوب يا شباب ؟ قلنا : أخبرنا ، قال المطلوب كائن حي يشبه الإنسان ، يعيش في بيئة مهمله ، يطرد من البيوت والحارات ، الا الأزعر فله بعض الاحترام ، اتقاء لشره ) يصمت يوسف قليلا ثم يقول:
في البداية عندما كان في المدينة لا زال بعض الامان كان الناس يتمسحون ويتبركون بي ، هذا يلح علي بالدعاء له وكأني من أولياء الله الصالحين ، وذاك يلح علي بالغداء ، وآخر يسير معي بالشارع بضعة أمتار ، لينال شرف معرفتي ، ويتبجح أمام اصدقائه بمعرفتي والسير معي ، كنت اظن انهم أخيار وان مادفعهم لذلك حب الله والجهاد والأستشهاد ، ولما اشتد الخوف ، سقطت الأقنعة وذاب الثلج وبان ما بان .
ما أكثر الخائفين والمرائين والمنافقين في وطني ((لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ، ولكن بعدت عليهم الشقه )) حتى ابنائي الصغار يعيشون أزمتي ، اطفالي الرضع يرضعون العدس المجروش بدل الحليب ، حسبي الله ونعم الوكيل ، ألا يقرأ هؤلاء القرآن ؟ اراهم يصلون ويعتكفون ، الم تمر عليهم آية ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافا ) الم يعلموا أن من خلف غازيا في أهله وبيته فقد غزى ؟
تعاودالدموع بالظهور كاشفة ألم ووجع يوسف رغم محاولاته المتكررة لكبحها ................
لماذا تخلى الناس عنا ؟ لماذا نبذونا ؟ ألئننا حافظنا على طهارة سلاحنا ؟ ولم نوجهة نحو احد طالبين الأتاوة أو الخاوة، لماذا يعاملوننا كالنكرة ؟ ايخشون الموت ؟ وهل في الدنيا ما يدفع عنهم الموت ؟ ايخشون زوال الرزق ؟
اليس الله هوالرازق؟ اسمعهم عند الصباح اثناء التوجه الى العمل يصدحون (يا رزاق ياكريم ) الا يعني لهم هذا ان الرزاق هو الله؟ ما أقسى أهلي وشعبي !!!!
يقف محمد ويندفع نحو يوسف يحضنه ويصرخ في وجهه : كفا يا يوسف تماسك ، انتم المجاهدون الابطال انتم املنا عرفتم طريقكم ، حددتم هدفكم ، أنتم أطهرنا وأشرفنا وأنبلنا جَبَرتم كسرنا وأعدتم شيئا من عزتنا ، لا تعجبك اموالنا وأبنائنا نحن المترفون التائهون اللاعبون ,
يوسف : وهل ممنوع على البطل أن ينام أو يتدفأ ؟ وهل ممنوع على أطفاله ان يشربوا الحليب ؟
محمد : صدقني يا عزيزي انه بالرغم من كل المآسي التي تتحدث عنها ، انت السعيد ونحن التعساء!!
تربعنا على مقاعدنا وعلى أرائكنا متكئين نتصفح الصحف ونقلب المحطات الفضائية تهنا في الهدف ضاعت منا البوصلة وضعنا فيها ،،،، حين أقرأ سورة التوبه وأصل الى أية( فرح المخلفون بمقاعدهم )تتمزق أحشائي ! احس بان الله يتحدث عني بها هل تعلم الألم الذي نحس به حين يصفنا القرأن بالمنافقين؟ احمد الله ياصديقي ان منحك شرف الجهاد يكفيك راحة انك حين تقرأ سورة التوبه وتتراءى لك ايات المنافقين تحمد الله انك لست منهم ، امثالك عاشوا الحقيقه والقاعدين مثلي يعيشون الملهاة يقضون أوقاتهم كممثل رديء يتكلفون في اكلهم وشربهم ومشيهم وحتى صلاتهم يراؤون ويمنعون الماعون يعيشون حياة الترف ووجع الضمير ، أنت هنيئا لك لأن الله قد شرح لك صدرك وأنار لك طريقك ، .
ان كنت تقول عن نفسك كلب أجرب فأنا أتشرف بجربك هذا وأكحل به عيناي ، ملابسك القذرة تلك التي في الحمام ، لن أغسلها سأحتفظ بقذارتها على رأسي وفي قلبي وعيني ما حييت اليست هذه القذارة من غبار الجهاد اليس هذا ما يشرف اشرف الأشراف لعل تلك الملابس بما فيها من شرف تشفع لي يوم القيامة عسى تلك الملابس القذرة ان تطهرني
يوسف : بارك الله فيك ، المهم ان بعض المنظرين كلما سقط منا شهيد ، يتسائلون باستعلاء ، لماذا تتركون انفسكم لقمة صائغة للأحتلال ؟ يقتلون ويجرحون ويعتقلون ، الا تتعلمون ؟
وأنا أقول لهم اتقوا الله فينا ، يا أيتها المترفون .
الكل يتسائلون ألا تتعلمون ؟ وأنا أسأل كل واحد منهم ، هل تقبل ان تستضيف مجاهدا واحدا عندك لليلة واحدة ؟
هل انت مستعد لنصرته وأن تبذل من أجله المال والدماء ؟ و تخسر الدار؟ أن كنت لا تستطيع فأرجوك كف بلاك ولسانك عنا ولا تسأل هذا السؤال .