الورع - رسالة من أمير سرايا الدعوة والرباط إلى من باع نفسه ل

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة من أمير سرايا الدعوة والرباط إلى من باع نفسه لله والله اشترى ، بقية جيل المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وشوكة المسلمين في زمنٍ أصبح الناس فيه يحلون الحرام ويحرمون الحلال .
الحمد لله حتى يرضى والصلاة والسلام على من وجد تمرة في الطريق فقال : لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها وعلى اله وصحبه وسلم , أما بعد :
فيا بقية ارث محمد صلى الله عليه وسلم , يا غرباء الأرض وجند السماء , أيها الرجال في زمن أنوثة الكفر وإرجاف العقول :
إن سلفكم لم يكونوا خيال كاتب , ولا نزلوا من السماء , لكنهم غرس محمد صلى الله عليه وسلم تعهده أبو بكر وسقاه عمر وأنضجه عثمان وقطفه علي . ومع ذلك نقف أمام قصصهم وفمنا يردد : افعلا كان ثمة مثلهم ....
يقول أحدهم : كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام .
تأتي امرأة منهم تسال الإمام احمد : إنا نغزل على سطوحنا فيمر بنا مشاعل الظاهرية – الحرس – أفيجوز لنا الغزل في شعاعها ؟ فسألها من أنت عافاك الله ؟ قالت : أخت بشر الحافي ! فبكى وقال : من بيتكم يخرج الورع الصادق . إنها أخت بشر الحافي الذي كان يقول : اشتهي شواء منذ ثلاثين سنة لكن لم يصف لي درهمه.
وعن علي بن بكار قال : قلت لإبراهيم بن ادهم : لم لا تشرب من ماء زمزم قال لو كان لي دلو لشربت . يتورع أن يشرب بدلاء بيت مال المسلمين ....
ليست رهبانية مبتدعة , ولا قلة ذات يد , لكنه الورع الذي صار مقصد نفوسهم لما سمعوا نبيهم يقول: خير دينكم الورع , وقول زوجته عائشة : أنكم لتغفلون عن أفضل العبادة .. الورع , وقول صاحبه أبي هريرة: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد , وقول ريحانته للحسن لما سئل عن الورع فقال : ذاك رأس الأمر كله .
وقول أخيه عيسى عليه السلام من قبل : لو صليتم حتى تصيروا مثل الحنايا , وصمتم حتى تكونوا مثل الأوتاد , وجرى من أعينكم الدمع أمثال الأنهار , ما أدركتم ما عند الله إلا بورع صادق .
فيا نجوم ليلنا الطويل ويا فجرنا المرتقب : إن في أيديكم من أموال الجهاد ومادته ما هو فيها , إِأْتمنتم عليها , ومثلكم للأمانة أهل , فلا تجعلوها قطعة نار , بعد أن بذلتم في سبيل الله ما هو أغلى , انه من حرم الله والله يغار على حرمه , إنها مال الله فحذار أن تضيع مال من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
_ الورع اخذ الحلال الصرف وترك كل ما فيه شبهة .
_ الورع الخروج من كل شبهة ومحاسبة النفس كل طرفة عين .
_ الورع ظاهر وباطن : فالظاهر : ألا تتحرك إلا على الله , والباطن : ألا تدخل قلبك سواه .

إن أمانتك أخي الحبيب حمى وأنت راع حوله ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه , ومن يستنصر الله ينصره , وإنها لثقيلة ألا على الخاشعين , ولكن من يترك لله يجد للترك لذة , يقول سفيان الثوري : ما رأينا أسهل من الورع ! ما حاك في نفسك فاتركه .. نعم انه كما قال رحمه الله فالإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس .
فان خلط عليك الشيطان وزين فتذكر : إن الحلال بيّن و إن الحرام بيّن .
وان دخل عليك من جهة جهلك فتذكر : وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات إستبرأ لدينه وعرضه .
وان أصر عليك فتذكر : ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى ويوشك أن يرتع فيه .
وحذار حذار : ألا وإن لكل ملك حمى ألا وان حمى الله محارمه .
ونقل احمد ( لا يتم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال )
وهذه - حفضك الله - وقفات على طريق الورع
- ارم بها :
إنها أمانة حاسب عليها نفسك واهلك وولدك ، ورد أن الحسن بن علي ريحانة قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم اخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كخ كخ ارم بها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة .
- من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه .
قال الله تعالى ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ) (الاسراء: 32) ولم يقل : ولا تزنوا , وقال ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)(البقرة: 168) ولم يقل : ولا تتبعوا الشيطان , ومعظم النار من مستصغر الشرر , وصغير الحصى يؤذي مقلة العين , وشربة ماء تسكبها تضطر غيرك للتيمم , وكسرة خبز يابسة تمجها نفسك قد يأكل لفقدها إنسان الميتة اضطرارا , فخف على نفسك من مزالق الطريق , مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق قال : لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها .
- وعلى قدر الخوف يكون الترك .
لو خفته حق الخوف لتركت كل ما يكره , وعلى قدر معرفة الآخرة يشمر السائرون , ولعظمة الدنيا في قلوبنا نستغرب من خوفهم , فلم يكن خوفهم كبيرا ولكن خوفنا قليل , حتى قال انس : انكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر , إنا كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات . يقول هذا وهو يخاطب جيل التابعين, فبالله عليكم ماذا يقول لو رأى جيلنا ؟! قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا .

- هيا تقيء ما أكلت .
في ذنب العبد بعد التوبة قال الله تعالى : ( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ )(الفرقان: 70 ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ولما أمكن الله ليوسف عليه السلام قال لإخوته : ( لا تثريب عليكم اليوم ) وقالها صلى الله عليه وسلم لقريش : اذهبوا فانتم الطلقاء , لكن حين يكون ذنبك من مال غيرك , حين يكون بينك وبين عموم المسلمين فلا حتى تعود الحقوق لأصحابها مع التوبة , فكيف بمال الجهاد وآلته !! ، روي للبخاري انه كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر , فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا إني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه , فادخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . وفي بعض الأخبار انه صلى الله عليه وسلم لما اخبر بذلك قال: أو ما علمتم أن الصديق لا يدخل في بطنه إلا طيبا ثم قال : اللهم إني اعتذر إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء.
- كيلا نصيب زيادة على المسلمين يا عاتكة .
إنما أنت سلاح اهلك بعت روحك والله اشترى فليس عملك منه تمنها على الإسلام وأهله إما راهب ليل وفارس نهار هجر الدنيا لما سمع قول الله تعالى : ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) (الضحى:4-5) . فليس لك من حطام الدنيا إلا ما هو لك , ومن قبلك حتى بهذا زهدوا , فتبعوا من بعدهم رضي الله عنهم , لك الله على نفسك لا ترى غير الجنة مستقرا , وغير رضا الرحمن غاية , في زمن يبيع الواحد منا دينه بعرض من الدنيا وقد لا يحصل عليه ، روي انه قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين فقال عمر : والله لوددت إني وجدت امرأة حسنة الوزن – أي تحسن الميزان – تزن لي هذا الطيب حتى اقسمه بين المسلمين , فقالت له امرأته عاتكة : أنا جيدة الوزن فهلم ازن لك ! قال : لا ، قالت : لم ؟ قال : إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا – ادخل أصابعه في صدغيه – وتمسحين به عنقك فأصبحت فضلا على المسلمين ..
- هل كان يبقى في الحائط تبن .
عندما يبخل الأغنياء بمال الله , وينفق الأغنياء حتى تنفذ ذخيرة العمر أو تكاد , تنكشف ثغور المسلمين ويتسع الخرق على الراقع , ويصبح على كل قائم على ثغر من ثغور الإسلام أن يؤتى الإسلام من ثغره , وحتى لا تغرق سفينة الجهاد لا تثقبها من تحت قدميك , فتموت وتميت , وتذكر قول حماد بن زيد : كنت مع أبي فأخذت من حائط تبنة , فقال لي : لم أخذت ؟ قلت إنما هي تبنة ! قال : لو أن كل الناس أخذوا تبنة هل كان يبقى في الحائط تبن ؟!
- من خراسان للشام ولا اسأل يوم القيامة عن قلم .
إنها الآخرة حين تبلى السرائر ويقال : وقفوهم إنهم مسئولون , وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل اليوم ظلما , لا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى , وجاء الناس إلى غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب , وقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا , وقد أحصاه الله ونسوه , كتب ما قدموا وآثارهم , وان كانت العذراء قالت خوف فضيحة الدنيا : ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا , فان الكافر يقول خوف الآخرة : ياليتني كنت ترابا , يومها يأتي كل إنسان بمــا غـل , وقد خافوا ما نسوا فكيف

بالغلول . سافر عبد الله بن المبارك من بلاد مرو ( خراسان ) إلى الشام ليرد قلما كان قد استعاره من رجل هناك, فلما عاد إلى مرو ووجد القلم معه عاد إلى الشام ليرد القلم كأن لسان حاله يصيح بنا واعضاً : من خراسان إلى الشام ولا أُسأل عن قلم .
- قد صار لنا فيه شريك .
الشركة موجبة للعدل وكي لا تدخل في قوله تعالى : ( وان كثير من الخلطاء ..... ) تذكر أن ما في يدك يشركك فيه غيرك وليس لك خالصا وإنما هو أمانة تسأل عنها , ولو كان شريكك واحدا لسهل عليك طلب السماح منه فكيف بك وشريكك فيما يديك امة استخلفتك لتحمل رايتها وترابط في ثغورها , والله باع وأنت اشتريت , فلا تقدم بالثمن منقوصا فيرده عليك , وفي قصصهم أن امرأة من الصالحات أتاها نعي زوجها وهي تعجن فرفعت يدها من العجين وقالت هذا الطعام صار لنا فيه شريك . وروى ابن أبي الدنيا : أن امرأة أتاها نعي زوجها والسراج يتقد فأطفأت السراج وقالت هذا زيت قد صار لنا فيه شريك , وقبل سنتين استشهد احد المجاهدين فلما اتصلوا بأمه ليخبروها قالت : بأي يوم توفي لأحسب عدة زوجته .
- لعله ليس ديناري .
كي لا تؤتى من مأمنك , وكي لا تتشقق جدران قلبك فتدخل منها الذنوب , سلط على نفسك سلطان المحاسبة , وقانون سوء الضن , فان تسئ الضن بنفسك خير من أن يساء الظن بك , واتهامك لنفسك يغنيك عن اتهام غيرك لها , وان يضيع بعض ما هو لك حسبة لله خير لك من أن تضم لنفسك ما هو لغيرك فيكون خصيمك يوم القيامة عند الله , ومن غالب الله يغلب , روي انه سقط من يد (( كهمس )) دينار فقام يطلبه فقيل :ما تطلب يا أبا عبد الله قال دينار سقط مني , فأخذوا غربالا فغربلوا له التراب فوجدوا ديناره فأبى أن يأخذه وقال: لعله ليس ديناري.
- اكره أن أجد ريحه دون المسلمين
إنما المؤمنون إخوة , يسعى بذمتهم أدناهم , كالجسد الواحد إذا مرض منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى , ضعيفهم قوي حتى يؤخذ الحق له , وقويهم ضعيف حتى يؤخذ الحق منه , يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة , عن يونس بن أبي الفرات أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أتى بغنائم مسك فسد انفه فقالوا يا أمير المؤمنين تأخذ بأنفك لهذا !! قال إنما ينتفع من هذا بريحه فأكره أن أجد ريحه دون المسلمين .
واعرف انك بما تحمل مثقل , وما أردتُّ رعاك الله أن أزيد حملك حملا , ولكن لكي لا يذهب عليك اجر اغترابك , ولا يذهب ربح بيعك , ولا تفقد ثواب دم الجرح , واسر العدو , وتعب الجهاد ، كتبت أليك هذه الكلمات ... وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء , ولكن الدال على الخير كفاعله ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://www.saraya-d-r.net/go/news.ph...78c42c6ac6f09e
:) :) :) :) :bball: :bball: :bball: :study: :study: :study: :cheers: :cheers:

جزاك الله كل خير أخي

هذا زمانهم فكيف بزماننا زمن الفتن والفساد